Monday, April 29, 2013

الحلقة الأولى: بعنوان: الحقيقة، والمعرفة، وطريق الوصول




الحلقة الأولى: بعنوان: الحقيقة، والمعرفة، وطريق الوصول




أريد الحقيقة.. أريد الحقيقة.. أريد الحقيقة!!

سؤال يتردد في خلجات نفسي وعميق فؤادي وبقية عقلي؛ فكاد عقلي أن يذهب عنى!!
فوجدت من نفسي سائلا؛ نفسي تسألني: «ما هي الحقيقة؟»
أجبت: «الحقيقة: جوهر الشيء وأصله؛ وكل شيء له حقيقة ثابتة»
قالت: «وكيف أصل إلى حقيقة الشيء وجوهره وأصله؟»
أجبت: «إدراك الشيء على حقيقته أي جوهره وأصله؛ هي المعرفة الصحيحة، وعدم إدراك الشيء أصلا؛ هو الجهل، وإدراك الشيء على خلاف حقيقته؛ هو الجهل المركب، وللمعرفة الصحيحة أسباب»
قالت: «وماهي أسباب المعرفة الصحيحة التي تفيد اليقين؟»
أجبت: «أولا: الحس؛ وبه نعرف العلوم البسيطة كالألوان والنعومة، والأصوات. والثاني: العقل؛ وبه ندرك العلوم التي تحتاج إلى نظر واستدلال كإثبات وجود الله تعالى، وإثبات النظريات الرياضية والهندسية.. ، والسبب الثالث: الخبر الصادق؛ وهو نوعان: الأول: الخبر المتواتر كالمعارف التاريخيّة. والثاني الوحي وبه ندرك مراد الله تعالى».
ثم سألتني: ما «معنى الحس؟»
فقلت: «للإنسان حس ظاهر، وحس باطن؛ والحس الظاهر خمس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس، والحس الباطن خمس: الحس المشترك والخيال والوهم والحافظة والمتصرفة»
فقالت: «مهلا.. أريد التفصيل !!»
تعجبت قائلا: «أنت تريدين التفصيل لما تملكينه وتستخدمينه دائما في دائرتك المعرفية؟!!».
قالت: «نعم أملك الكثير من الملكات والآلات التي بها أحصل على المعرفة، لكن أريد توضيح معاني هذه الألفاظ فأقر بما هو موجود عندي وألغي ما هو بخلاف ذلك»
فأجبتها موضحا: «الحس الظاهر أو الحواس الخمس تتمثل في:(1)السمع؛ وهو قوة في العصب المفروش في مقعر الصماخ تدركين بها الأصوات والنغمات. (2)البصر؛ وهو قوة مودعة في العصبتين المجوفتين اللتين تتلاقيان وتتقاطعان صليبيا تدركين بها الألوان والأشكال وغير ذلك. (3)الشم؛ وهو قوة مودعة في الزائدتين الناتئتين من مقدم الدماغ الشبيهتين بحلمتي الثدي تدركين بها الروائح. (4)الذوق؛ وهو قوة في العصب المفروش على جرم اللسان تدركين بها الطعوم المختلفة. (4)اللمس؛ وهو قوة مثبتة في العصب المخالط لأكثر البدن تدركين بها الرطوبة واليبوسة واللين والخشونة»


فأشارت في إعجاب: «نعم أملك هذه الحواس، لكن أليست هذه التعريفات بها صعوبة؟!!»

قلت: «التعريفات بالأمور الذاتية للشيء به صعوبة ويحتاج إلى تأمل لكن بالمثال يتضح المقال. فلا بأس»

فقالت: «وماذا عن الحس الباطن؟»
أجبت موضحا: «الحس الباطن أو الحواس الخمس الباطنة تتمثل في: (1)الحس المشترك؛ وهو قوة في مقدم التجويف الأول من التجاويف الثلاثة التي في الدماغ وبها يا نفس! تستقبلين جميع الصور المنطبعة من الحواس الخمس الظاهرة؛ ولهذا سميت حسا مشتركا فكل ما تسمعينه وتبصرينه وتشمينه وتتذوقينه وتلمسينه يلقى في هذا النوع من الحس فهو مشترك بين الحواس الظاهرة والباطنة. (2)الخيال؛ وهو قوة في مؤخر التجويف الأول من الدماغ تحفظين فيها الصور الملقاة في الحس المشترك؛ فالخيال هو خزانة الحس المشترك. (3)الوهم؛ وهو قوة في آخر التجويف الأوسط من الدماغ تدركين به المعاني البسيطة كالصداقة والأمانة والصدق. (4)الحافظة؛ وهي قوة في أول التجويف الأخير من الدماغ تحفظين فيها المعاني الملقاة في حاسة الوهم؛ فالحافظة هي خزانة الوهم. (5)المتصرفة؛ وهي قوة في أول التجويف الأوسط من الدماغ تفصلين بها بين المعاني بعضها عن بعض.
فأشارت في إعجاب: «نعم أملك هذه الحواس، لكن كيف توصلت إليها؟!!»
قلت: «عن طريق المشاهدة والحس فالأئمة الأعلام من المجتهدين سهروا وتعبوا وبحثوا وشرحوا وجربوا حتى وصلوا إلى حقيقتك يانفس».
فقالت في حياء: « أنا محل نظر العلماء والعقلاء والباحثين...!! كم أنا جميلة... » وفي همس تلت قول الله تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا».
ثم قالت: «وماذا عن السبب الثاني .. العقل؟»
فأجبت: «العقل قوة في النفس تدرك بها العلوم النظرية التي تحتاج في إثابتها نظر واستدلال ويتوقف صدق العلوم النظرية على اليقينيات وهي: الأوليات والضروريات والمجربات والحدسيات المتوترات المحسوسات». وبعد... نكمل الحكاية....