Tuesday, August 27, 2013

مكونات الدين الإسلامي الحنيف

ثالثا: مكونات الدين الإسلامي الحنيف:


 في حديث جبريل(1) سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، والساعة وعلاماتها. وبعد إجابته قال: «يَا عُمَرُ، أَتَدْري مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «فإنَّهُ جِبْريلُ أَتَاكُمْ يعْلِّمُكُمْ أمْرَ دِينكُمْ».
وعلى هذا يستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: «أَتَاكُمْ يعْلِّمُكُمْ أمْرَ دِينكُمْ» أن مكونات هذا الدين أربعة:

  1. الإسلام
  2. الإيمان
  3. الإحسان
  4. إدراك الواقع ومراعات أحوال الزمان

فالإسلام(2) هو: الامتثال لأوامر الله ونواهيه المتعلقة بأفعال المكلفين: كالأمر بالصلاة والنهي عن الزنا. وهو مبني على خمسة أركان: الشهادة، والصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، والحج. قال صلى الله عليه وسلم: «الإسلامُ: أنْ تَشْهدَ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله وأنَّ مُحمَّداً رسولُ الله، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيتَ إن اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلاً»؛ والإسلام والإيمان مختلفان من جهة فعل المكلف؛ لأن الإسلام الامتثال الظاهري، والإيمان التصديق الباطني. إلا أنهما متلازمان؛ فلا يوجد إسلام معتبر شرعًا بدون إيمان، ولا يوجد إيمان لا يُدخل صاحبه النار بدون إسلام. وتفصيل الكلام عن الإسلام في مبحث الإسلام وعبادة المسلم.

والإيمان(3) هو: تصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من ربه تعالىوهذا التصديق يجب أن يصل إلى درجة اليقين والإذعان والانقياد لله تعالى. فلا تكفي مجرد معرفة الله؛ فإن إبليس اللعين يعرف ربه. فلابد أن يصل التصديق إلى درجة الإذعان، والانقياد، والتسليم. ومكان هذا التصديق هو قلب المؤمن. وأركانه كما أخبر صلى الله عليه وسلم: «أنْ تُؤمِنَ باللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِر، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ»  وتفصيل الكلام عن الإيمان في مبحث الإيمان وعقيدة المسلم. 

والإحسان(4) هو: الإتقان، والإخلاص، والخشوع، ومراقبة المعبود، وفراغ البال حال التلبس بالعبادة(5). وفي قوله صلى الله عليه وسلم «أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ» إشارتين: الأولى: أن يغلب عليك مشاهدة الحق بقلبك حتى كأنك تراه بعينك. والثانية أن تستحضر أن الحق مطلع عليك يرى كل ما تعمل؛ وهاتان الإشارتان تثمرهما معرفة الله وخشيته؛ ولا يتمان للعبد إلا بالسلوك والتربية ومجالدة النفس(6)والإحسان أعلى مراتب الدين وأعظمها. وأهله هم المستكمِلون لها السابقون للخيرات، المقربون في علو الدرجات. وإذا كان الإسلام هو فعل العبد الظاهر. والإيمان الفعل الباطن، فإن الإحسان: تحسين الظاهر والباطن. وتفصيل الكلام عن الإحسان في مبحث الإحسان وأخلاق المسلم.

وإدراك الواقع هو المكون الرابع لهذا الدين وبه يعيش الإنسان المسلم في انسجام مع عصره، ويستطيع أن يقف على مراد الله، ويميز بين الثوابت والمتغيرات، ويراعي مقاصد الشريعة، ومعرفةَ المصالحِ التي ينبغي جلبُها، والمفاسدِ التي يجب دَرؤُها، والتعارف مع الشعوب لا الهروب منها. وتفصيل الكلام عن إدراك الواقع في مبحث الساعة وعلاماتها وإدراك الواقع وأحوال الزمان.
-----------------------------------------------------



  1. عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قَالَ: بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عَلَينا رَجُلٌ شَديدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عَلَيهِ أثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبتَيهِ، وَوَضعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ، وَقالَ: يَا مُحَمَّدُ، أخْبرني عَنِ الإسلامِ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإسلامُ: أنْ تَشْهدَ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله وأنَّ مُحمَّداً رسولُ الله، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيتَ إن اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلاً». قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقهُ ! قَالَ: فَأَخْبرنِي عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ: «أنْ تُؤمِنَ باللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِر، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ». قَالَ: صَدقت. قَالَ: فأَخْبرني عَنِ الإحْسَانِ. قَالَ: «أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ». قَالَ: فَأَخْبِرني عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: «مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ». قَالَ: فأخبِرني عَنْ أمَاراتِهَا. قَالَ: «أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وأنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ». ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيّاً، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ، أَتَدْري مَنِ السَّائِلُ؟»قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: «فإنَّهُ جِبْريلُ أَتَاكُمْ يعْلِّمُكُمْ أمْرَ دِينكُمْ”. رواه مسلم.» 
  2. هذا هو المعنى الشرعي للإسلام ومعناه في اللغة: له معنيان: الأول: الاستسلام والانقياد. والثاني: إخلاص العبادة لله. {انظر: الصحاح: (1952/5)، لسان العرب: (293/12)، القاموس: (1448)}.
  3. هذا هو المعنى الشرعي للإيمان، أما معناه في اللغة، فهو التصديق مطلقا قال تعالى على لسان إخوة يوسف: {وما أنت بمؤمن لنا} أي بمصدق، وقال تعالى: {ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا} [ غافر /12] أي يصدقوا.
  4. هذا هو المعنى الشرعي للإحسان ومعناه في اللغة: مصدر أحسن يحسن إحسانا، وهو ضد الإساءة، ويطلق على معنيين: الأول: التجويد والإتقان، والإخلاص. والثاني: توصيل النفع للغير. {الصحاح: (5/2099). معجم مقاييس اللغة: (2/57).  لسان العرب: (13/117). القاموس المحيط: (1535). المفهم: (1/142). فتح الباري: (1/120).
  5. فتح الباري لابن حجر (1/ 120).
  6. المرجع السابق (بتصرف)





No comments: