Saturday, December 6, 2014

قراءة المأموم خلف إمامه


 صورة المسألة:
المأموم لا يقرأ الفاتحة، ولا غيرها خلف الإمام في الصلاة الجهرية أو السرية ([1]).
مصطلحات:
الصلاة الجهرية: الذي يجهر فيها الإمام بالقراءة؛ وهي الصبح والمغرب والعشاء والجمعة والعيدين.
الصلاة السرية: الذي يسر فيها الإمام بالقراءة؛ وهي الظهر والعصر.
الإنصات: السكوت للاستماع، ويكون الاستماع إما لصوت الإنسان، أو الحيوان، أو الجماد([2]).
الاستماع: قصد السماع لفهم المسموع أو الاستفادة منه. ولا يكون استماعا إلا إذا توفر فيه القصد، أما السماع فإنه قد يكون بقصد، أو بدون قصد ([3]).
المقتدي: من يتبع الإمام في أفعال الصلاة ([4]).
الإمام: من يتبعه الناس في صلاتهم كلها أو جزء منها ([5]).
محل الخلاف
لاخلاف في وجوب قراءة الإمام واختلفوا في قراءة المأموم فقال أبو حنيفة: المأموم لا يقرأ خلف الإمام في الصلاة الجهرية أو السرية. وقال مالك: قراءة المأموم خلف الإمام مندوبة في السرية مكروهة في الجهرية. وقال الشافعي: يفترض على المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام إلا أن يدرك الإمام في الركوع فتسقط أو يدرك وقتا لا يكفي لقراءتها فيجزئه قراءة ما أمكن ويسقط الباقي([6]).
الأدلة
دليل مالك:
ما روي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما، -أن رجلا سأله: أأقرأ خلف الإمام؟! فقال له: أما في الظهر والعصر فنعم ([7]).
دليل الشافعي:
ما رواه عبادة بن الصامت -رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب([8])». وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم: -«لا صلاة إلا بقراءة» وبحديث «عبادة بن الصامت -رضي الله عنه -قال: صلينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -صلاة الصبح فلما فرغ قال: «لعلكم تقرؤون خلفي»، فقلنا: نعم، فقال: «لا تقرؤوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة إلا بها، وفي رواية لا صلاة لمن لم يقرأها ([9])».            
توجيه الدليل: المعنى فيه أن القراءة ركن من أركان الصلاة، فلا تسقط بسبب الاقتداء عند الاختيار كالركوع والسجود، بخلاف ما إذا أدرك الإمام في الركوع؛ لأن تلك الحالة حالة الضرورة، فإنه يخاف فوت الركعة بسبب الضرورة قد تسقط بعض الأركان، ألا ترى أن القيام بعد التكبير ركن، وقد يسقط هذا للضرورة ([10]).
دليل أبي حنيفة:
من الكتاب: قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ([11])}
توجيه الدليل: أمر بالاستماع والإنصات، والاستماع وإن لم يكن ممكنا عند المخافتة بالقراءة فالإنصات ممكن فيجب بظاهر النص، وعن أبي بن كعب -رضي الله عنه -أنه لما نزلت هذه الآية تركوا القراءة خلف الإمام، وإمامهم كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فالظاهر أنه كان بأمره([12]).
من السنة: بالحديث المشهور: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا».
وبقوله صلى الله عليه وسلم: -«من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة([13])».
ووجه الاستدلال: أن  الحديث أمر بالسكوت عند قراءة الإمام.
من المعقول: لو كانت القراءة من الأركان في حق المقتدي لما سقطت بعذر.
والقراءة غير مقصودة لعينها بل للتدبر والتفكر والعمل به قال ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه -«أنزل القرآن ليعمل به»، وحصول هذا المقصود عند قراءة الإمام وسماع القوم، فإذا اشتغل كل واحد منهم بالقراءة لا يتم هذا المقصود، وهذا نظير الخطبة فالمقصود منها الوعظ والتدبر، وذلك بأن يخطب الإمام ويستمع القوم لا أن يخطب كل واحد منهم لنفسه.
إذا أدرك المقتدي الإمام في حالة الركوع، فإن خاف فوت الركعة سقط عنه فرض القراءة ([14]) عند من قال بالفرضية.
مناقشة الأدلة قوله صلى الله عليه وسلم: -«لا صلاة بدون قراءة» فصلاة المقتدي هي صلاة بقراءة وهي قراءة الإمام؛ فإن قراءة الإمام قراءة للمأموم ولا حجة لهم في الحديث، فإنه بقراءة الإمام تصير صلاة القوم بقراءة، كما أن بخطبة الإمام تصير صلاتهم جميعا بالخطبة.
وأما حديث عبادة بن الصامت -رضي الله تعالى عنه -يحمل على أنه كان ركنا في الابتداء، ثم منعهم عن القراءة خلفه بعد ذلك.




[1] . المبسوط للسرخسي (1/199)، اللباب في شرح الكتاب (1/78)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/110)، الاختيار لتعليل المختار (1/50)، البناية شرح الهداية (2/313).
[2] . الموسوعة الفقهية الكويتية (4/85)
[3] . الموسوعة الفقهية الكويتية (4/85).
[4] . الموسوعة الفقهية الكويتية (6/ 18).
[5] . الموسوعة الفقهية الكويتية (6/ 201).
[6] . المبسوط للسرخسي (1/199)، اللباب في شرح الكتاب (1/78)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/110)، الاختيار لتعليل المختار (1/50)، البناية شرح الهداية (2/313)، التاج والإكليل لمختصر خليل (2/239)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/536)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/204)، المجموع شرح المهذب (3/364)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (1/241)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (1/476).
[7] . المبسوط للسرخسي (1/199).
[8] . أخرجه البخاري (2 /236ـ 237 ط السلفية) ومسلم (1 /295 ط عيسى البابي الحلبي)
[9] . رواه الترمذي وحسنه، وصححه البيهقي والخطابي وغيرهم. ورواه أحمد، وأبو داود، وابن حبان.
[10] . المبسوط للسرخسي (1/199)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/110)، المجموع شرح المهذب (3/364).
[11] . [الأعراف: 204].
[12] . المبسوط للسرخسي (1/199)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/110).
[13] . « بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/111).
[14] .المبسوط للسرخسي (1/199).

3 comments:

كلنا الشهيد مصطفى يحيى حسن العجيل said...

جزاك الله خيرآ يا مولانا
نسئلك الدعاء ونفعا الله بك الامه

sameh said...

الهدف من انشاء موقع الدرر السنية بناءُ أضخمِ قاعدة بيانات إلكترونيَّة شاملة لميراث الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم بمفهومه الشَّامل، وتيسيرُ الوصول إليها من خلال التِّقنيات الحديثة.
الموسوعة الحديثية

sama said...

مقال رائع جداً عن تربية الأبناء..
لا يفوتكم ⬇⬇
https://noslih.com/article/المؤثر+الأقوى+في+التربية